يوم العمال في العراق عطلة بلا فرحة وحقوق مؤجلة

يوم العمال في العراق عطلة بلا فرحة وحقوق مؤجلة

يوم العمال في العراق عطلة بلا فرحة وحقوق مؤجلة

يوم العمال في العراق عطلة بلا فرحة وحقوق مؤجلة

الدكتور اكرم حياوي

    مع إشراقة الأول من أيار في كل عام، تتجدد في الأذهان صور العطاء والتفاني التي سطرها العمال في مسيرة التنمية والازدهار، مُذَكِّرَةً بأهمية تكريم جهودهم الخالدة، بينما يمرّ هذا اليوم على أغلب عمال العراق كأي يوم آخر مثل باقي الأيام دون أي تغير بسيط وملحوظ لديهم يميز هذا اليوم لهم عن باقي الايام، والمفارقة اللطيفة، هو تعطل فيه الدوائر الحكومية في العراق وبالتالي أن الموظفين في القطاع الحكومي هم المستفيدون الأساسيون من هذه العطلة مقابل اجر تام، وفي المقابل  يواصل العمال أصحاب هذا اليوم كفاحهم اليومي في مواقع العمل من اجل الحصول على الاجر اليومي الذي يعتبر مصدر الرزق الوحيد لهم ولعوائلهم، محرومين من أبسط حقوقهم، وسط تحديات اقتصادية واجتماعية وقانونية متراكمة.

والسؤال الذي يجب ان يطرح ما أهمية الاحتفال الحقيقي بيوم العمال في كل عام ؟

 وقد تكون الإجابة بشكل مباشر لدى البعض من أصحاب القرار الموجه لهم السؤال؟ انه يوم عالمي تكمن أهميته في الاحتفال بهم وتكريمهم وبيان دورهم الأساسي، ومن وجهة نظرنا الشخصية ان هذا الجواب من المسلمات به ولا يمكن نكرانه، لكن ما يجب التأكيد علية هو عدم اعتبار هذا اليوم عطلة رسمية وكفى، بل يجب أن يكون محطة لتسليط الضوء على معاناة العمال ومطالبهم المشروعة، ففي العراق يعاني العمال من تدني الأجور، وساعات العمل الطويلة، وغياب الضمانات الصحية والاجتماعية، إضافة إلى ضعف تطبيق القوانين، ما يجعل الاحتفال بهذا اليوم بلا طعم أو معنى فعلي بالنسبة لهم، لذلك يجب أن يكون يوم العمال مناسبة لتوحيد مطالب العمال، وتكثيف الجهود النقابية والإعلامية للضغط على الحكومة وأصحاب العمل من أجل تحسين أوضاعهم وضمان حقوقهم، وتقليل دخول العمالة الأجنبية التي تؤثر عليهم،  فالعامل هو الركيزة الأساسية لبناء الوطن، وتجاهله يعني إضعاف المجتمع والاقتصاد معاً.

لذلك تبرز الحقوق الأساسية للعمال بشكل واضح وصريح لكن بنفس الوقت تتعدد أسباب تجاهل حقوق العمال في العراق، ومن أبرز ما يتم تجاهله لهذه الحقوق هي الاتي:

أ‌-  ضعف تطبيق القوانين والتشريعات النافذة، رغم وجودها على الورق، وهذا ما يتم ملاحظته من خلال قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (18) لسنة 2023 وكذلك قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 ، بالإضافة الى قانون الضمان الصحي رقم 22 لسنة 2020،على الرغم من توفر هذه القوانين إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في ضعف التطبيق لها، وغياب الالتزام من قبل العديد من أصحاب العمل، خاصة في القطاع الخاص، حيث لا يتجاوز عدد العمال المسجلين رسمياً في الضمان الاجتماعي عن مليون عامل فقط، من أصل ملايين العمال في العراق، فيما اشارت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ان عدد العاطلين عن العمل والمسجلين بشكل رسمي تجاوز المليونين عاطل، وكل هذه القوانين يجب ان تفعل من جانب ضمان حوق العمال ومن جانب اخر توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل وبالأخص الشركات الأجنبية ، من خلال إلزامهم بتشغيل 50 بالمئة من العمالة الوطنية .

ب‌-  غياب الرقابة الفعالة على أصحاب العمل، خاصة في القطاع الخاص، ما يؤدي إلى انتهاك حقوق العمال دون محاسبة، وتعرض الكثير من النساء الى الابتزاز والتحرش مقابل الاستمرار بالعمل، مما يؤدي إلى تهرب أصحاب العمل من تسجيل العمال وشمولهم بالضمان الاجتماعي، وقلة عدد لجان التفتيش وعدم كفاءتها أحياناً، ما يضعف من فاعلية الرقابة، وعدم وجود عقوبات رادعة بحق المخالفين، أو ضعف تنفيذها على أرض الواقع.

ت‌-  ضعف التنظيم النقابي وعدم فاعلية اتحادات العمال في الدفاع عن مصالحهم. واعلاء صوتهم امام الجهات الحكومية .

ث‌-  السياسات الاقتصادية غير المنصفة، وتهميش القطاع الخاص وعدم دمجه بشكل حقيقي في عملية التنمية.

على الرغم من الجهود التي تبذلها دائرة العمل والضمان الاجتماعي، إلا أن التحديات كبيرة، لذلك من خلال هذا المقال نقدم مقترحات واقعية عاجلة قابلة للتنفيذ ابرزها الاتي:

1-  زيادة عدد لجان التفتيش وتفعيل دورها في مراقبة القطاع الخاص، مع تطبيق العقوبات بحق المخالفين، والاستفادة من الطاقات الشبابية المتعاقدة مع وزارة الداخلية .

2-  فرض تسجيل جميع العمال في الضمان الاجتماعي، وتسهيل إجراءات التسجيل عبر المنصات الرقمية، ويكون التسجيل متاح عن طريق صاحب العمل او العامل نفسه.

3-  شمول جميع العمال، المسجلين بشكل رسمي ، بخدمات الضمان الصحي والتأمين ضد إصابات العمل، ليكون حافز للأخرين غير المسجلين من اجل حثهم على التسجيل من اجل ضمان الحقوق المناطة لهم.

4-  تحديث قوانين العمل والضمان الاجتماعي لتواكب المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية وإصدار قانون خاص بالعمالة الأجنبية ونسب دخولهم والزام الخبراء الأجانب بتدريب العمالة الوطنية اثناء تواجدهم في العراق.

5-  دعم استقلالية وفاعلية النقابات العمالية، وتوسيع مشاركتها في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية و تعديل القوانين.

6-  إطلاق حملات توعية حول حقوق العمال، وضرورة تسجيلهم في الضمان الاجتماعي.

7-  تقديم حوافز للشركات الملتزمة بتسجيل العمال وتحديث البيانات بشكل سنوي.

8-  رفع الحد الأدنى للأجور، وتحديد ساعات العمل، وضمان بيئة عمل آمنة وصحية، بما يواكب الواقع المعيشي الحالي وتقلبات الأسعار.