تشكيل الحكومة العراقية في ظل الأزمات المحلية والإقليمية
تشكيل الحكومة العراقية في ظل الأزمات المحلية والإقليمية
تشكيل الحكومة العراقية في ظل الأزمات المحلية والإقليمية
مقال رأي
حسن البدري
بعد أن طويت صفحة الانتخابات البرلمانية لعام ٢٠٢٥ وهدأت ضوضاؤها أفرزت النتائج عن صدارة واضحة للكتل السياسية المنضوية تحت مظلة الإطار التنسيقي من جهة والتحالفات السنية الجديدة التي اتخذت طابعا مكوناتياً من جهة أخرى ، ليبقى الموقف الكردي هو العامل الحاسم في مسار تشكيل أية حكومة عراقية جديدة باعتبارهم ( القطعة الأخيرة ) التي يحتاجها أي توافق حكومي قادم .
وفي خضّم سباق مع الوقت ، يعمل الإطار التنسيقي على تشكيل حكومة قوية قادرة على إنقاذ البلاد من أزمة اقتصادي باتت تهدد حتى رواتب الموظفين وفقاً لتحذيرات خبراء الاقتصاد خاصة مع استمرار اعتماد الدولة على الاقتصاد الريعي دون تنويع مصادر الدخل أو تفعيل حقيقي للقطاع الخاص .
وعليه فإن المسؤولية الملقاة على عاتق الإطار التنسيقي أصبحت مضاعفة فهو يواجه تحديات اقتصادية خانقة من الداخل وتحديات سياسية وإقليمية من الخارج في ظل ملامح شرق أوسط جديد قد يؤثر بصورة مباشرة ويُلقي بظلاله على شكل الحكومة المقبلة.
وإذا ما أراد الإطار التنسيقي العمل على تشكيل حكومة قادرة على مواجهة هذه الأزمات وتجاوزها فمن المتوقع أن يتجه نحو حكومة مدعومة دولياً قادرة على تجاوز مفهوم المحاصصة التقليدية وأن تكون ذات رؤية استراتيجية لبناء دولة مؤسساتية ووطنية و قادرة على مواجهة الفساد ومحاربته.
إنَّ التركيز المتزايد على تداول أسماء المرشحين المحتملين لرئاسة الوزراء هو أشبه بفلمٍ دراميّ يعتمدُ مخرجوه على عنصريّ التشويق والإثارة ، وكأن المنصب يعتمد على شخص واحد فقط قادر على إنقاذ البلاد ، بينما يُفترض أن يكون اهتمام الإطار التنسيقي على تقديم مشروع متكامل وبرنامج حكومي واضح أولاً ومن ثمَّ اختيار الشخصية التي تنسجم مع هذا المشروع وقادرة على تنفيذه، بدلاً من ترك الأمور للاجتهادات الفردية التي تُدخل البلاد لاحقاً في دائرة الاتهامات وتبادل اللوم .
الخلاصة
إن على الإطار التنسيقي وبقية المكونات السياسية سواء السنية أو الكردية التوجه نحو تشكيل حكومة عراقية تتجاوز المعايير الطائفية والمكوناتية وتنسجم مع مشروع إصلاحي حقيقي يمكِّن البلاد من تجاوز أزماته الاقتصادية والأمنية والسياسية في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة ،
فالعراق يمتلك مقومات سياسية واقتصادية مهمة تجعله عنصراً مؤثراً وقادراً على تجاوز الأزمات إذا ما اتفقت القوى السياسية على تقديم المصلحة العليا على الحسابات الفئوية، والابتعاد عن المحاصصة التي أثقلت البلاد سياسياً واقتصادياً وأضعفت علاقاته الخارجية ، كما أن تطوير العلاقات الدولية واعتماد خطط اقتصادية جديدة تبتعد عن النفط كمصدر وحيد وتعزيز قدرات الجيش وقوى الداخلية وحصر السلاح بيد الدولة كلها تمثل خطوات أساسية يجب العمل عليها لضمان استقرار العراق واستعادته دوره الإقليمي والدولي.
A.H